الموقع الرسمي للمستشار الدكتور




الثقافة القانونية في المجتمع

لا تستقيم الحياة ولا تزدهر أمة دون قوانين تحدد العلاقات بين الأفراد والمؤسسات، وتوضح الحقوق والواجبات وأسس المعاملات، فالقانون هو الركيزة المرجعية الأساسية عند ظهور المشاكل التي تتعلق بمختلف نواحي الحياة في المجتمع سواء اكانت اجتماعية او اقتصادية او سياسية وغيرها، حيث أصبحت كافة المجالات الآن ينظمها ويحكمها القانون، فهو نظام لتحقيق العدالة في محيط اجتماعي معين،والانسان هو غاية هذا النظام.

والقوانين أساساً لا تأتي من فراغ، وإنما من خلال ما يحكم المجتمعات من عادات، وتقاليد، وثقافة، وتعاليم دينية، وغير ذلك، فكلّ هذه الأمور تُسهم في إثراء الأنظمة القانونية، وفي جعلها أقرب إلى الأفراد الذين تتشكّل منهم المجتمعات، فهم بذلك يَصيرون أكثر تقبّلاً، واستجابة لها. فهي صمام الأمان لحفظ حياة الانسان وعرضه وماله وممتلكاته،وبالرغم من ان القانون يهدف الى توسيع نطاق حرية الأنسان الا انه قيد هذه الحرية في ان واحد، عندما تتعدى على حرية الآخرينومصالحهم.

حيث ان الفكرة المحورية في معظم التحليلات السوسيولوجية تشير الى انه بتطبيق القوانين في المجتمع ستعمل على الدفعة المحركة لتطوره وازدهاره، وتدعم استقراره وتوازنه الاجتماعي، فهي عبارة عن مركبات متغيرةتتميز باستجابتها للتغيرات المستمرة في المجتمع كوسيلة مهمة في الضبط الاجتماعي،تتسم بالشمولية والحياد في مخاطبة كافة أطياف المجتمع في كافة نواحي الحياة.

ومن الضروري ان يكون لدى افراد المجتمع الحد الأدنى من الثقافة القانونية، على اختلاف اعمارهم وثقافتهم، حيث تعمل معايير تلك الثقافة على تحديد أفعال الشخص تحديداً واضحاً وهي بذلك تعتبر قوة تقف وراء السلوك الإنساني او انها مرشداً لهذا السلوك.

هذه الثقافة تجعل الشخص على بصيرة بحقوقه وواجباته تجاه الاخرين بحيث لا يتهاون بالمطالبة بحقوقه، وتحميه من الاستغلال وسوء المعاملة وضياع حقوقه من قبل الاخرين وكذلك تساعده على الالتزام بالقانون وتجنب القيام بتصرفات خاطئة تكون مخالفة للقانون وهو لا يدري،فالجهل بالقانون لا يعفي صاحبه من الوقوع تحت طائلة المسؤولية.

لذلك فإن الثقافة القانونية هي أشمل أنواع الثقافة لأنها متداخلة في كل شيء من حولنا، والاسرة هي نواة هذه الثقافة، ويجب ان يبدأ الاهتمام بهذه الثقافة من المراحل الدراسية المبكرة للفرد بحيث يعطى التلميذ جرعة تتناسب مع سنه وفهمه بشكل تدريجي، لزيادة وعيه بالقدر المناسب من القواعد والقوانين التي تؤثر في حياته وتحكم سلوكياته وتصرفاته في الحياة،فإن التعليم المرتبط بالقانون ينتج عنه تطوير بمفهوم المواطنة.

والتجربة اليابانية هي اكبر برهان حيث دأب اصحاب القرار في اليابان على ادراج الثقافة القانونية كونها من أكثر الوسائل فاعليه في مجال مكافحة الجريمة، ابتداءً من المراحل الاولى للتعليم. الامر الذي ادى الى ظهور مجتمع منضبط يتمتع بمعدل الجريمة الاقل على مستوى العالم حيث اثبتت اليابان ان ادراج الثقافة القانونية في المدارس لها آثارها المباشرة وغير المباشرة على المجتمع سواء على المدى القصير او البعيد.

وبالرغم من تضمينوزارة التعليم في المملكة العربية السعودية مساق تعليمي خاص للطلاب في المرحلة الثانوية يتعلق بالثقافة القانونية ضمن المناهج الدراسية ليفهم الطالب ويقدر قيمة القانون في المجتمع، كنت أتمنى ان يكون لأصحاب القرار النظرة في ادراج هذا المساق منذ المراحل الدراسية المبكرة وليس فقط في المرحلة الثانوية، فإن تعليم ضوابط السلوك الفردي وارتباط آثاره على تطور المجتمع وبناء العقول البشرية للمستقبل، يجب أن يكون مصاحباً لتعلم الكتابة والقراءة.

المصدر 

الفكر الامريكي مع فيروس كورونا

تشغل الآن مسالة إيجاد لقاح لوباء كورنا حیزا واسعا من الاهتمام العالمي والإعلامي حتى أنھاغدت من أھم دعائم النظام الدولي الجدید،ودلالةمميزة على تحضر شعوب الدول [...]
إقرأ المزيد

المال من عرق الاطفال

كانت مسألة حقوق الإنسان موضع اهتمام البشرية جمعاء منذ بدايات الحضارات القديمة، كما أكدتها الشرائع السماوية كافة، إذ إن حماية حقوق الأطفال كانت من أساسيات حقوق [...]
إقرأ المزيد

التزام المحامي

ترتبط المحاماة بالحياة القانونية، ولقد تطورت وتغيرت وعظمت مهمة المحامي في عصرنا الحاضر بحكم تشعب القضايا وتنوعها نتيجة لكثرة المعاملات التجارية والاقتصادية [...]
إقرأ المزيد